تردّدت على مسمعي في الأعياد الماضية عبارة “العيد لا يشبه العيد”. يلجأ الناس لتشبيه الشيء المموّه بالشيء الصريح من باب المحاكاة، كي يستطيعَ العقلُ تخيّل ما لا يعرفه وفقًا لما يعرفه، أوْ من أجلِ المبالغة في الوصف وتجميل صياغة الموصوف.
ماذا عن العيد؟ ليس بالحدث الغريب الذي يترك على النفس أحاسيس جديدة تحتاج لأن تُشبّه بما هوَ أكثر صراحةً كي نفهمها، ولا هو بالشيء العاديّ الذي يستدعي لغةً منمّقةً لتُلبسَه حلّةً أحلى.
هوَ رمزُ الفرح، كلّ الأيام السعيدة باختلاف أسباب السعدِ فيها سنقول عنها: كأنّها عيد. فماذا حلّ بعيدنَا كيْ يتجرّد من ثوبِه القشيبِ ووقعِه الفريد؟
من الذي ألبسَه ثوبَ الحدثِ الرّتيب غيرِ الجديد؟
لعلّ دواعي الاحتفال قدْ كثرتْ فأغفلتْ فرحتَنا بالعيد،
أوْ لعلّنا غيّبنا طقوسًا كانت تجعلُه داعيًا للتّمجيد،
حتى غدا وقعه الأخّاذ باهتًا عرضةً للتّبديد.
شأنُ العيد الاحتفال،
شأنُ النّفسِ الاحتفاء،
وشأنُ الفرحِ أنْ يبلغَ عنانَ السّماء.
لا تتركوه
في متناولِ العاديّة
شيّعوا البيوتَ جمالًا،
حضّروا حلوى، كعكًا وهديّة
أترعوا الأجواء
بدواعي بهجةٍ ملموسةٍ ومعنويّة
استمتعوا
وانتشوا بحريّة
تفككوا
من قيود العامِ النمطيّة
ليُحدثِ الأطفالُ فوضى
وصخبًا ومشاكساتٍ نديّة
لتنطلقْ في الهواء أهازيجُ احتفاءٍ
وتصدحَ أغنيّة
هذا العيدُ برقيّة
خذوهَا بكلّ ما فيها
من مسرّاتٍ سخيّة
أفسحوا لها سبيلَ الوصولِ
لكلّ أبعادكم القصيّة
لتنضخوا فرحًا
ومشاعرَ بهيّة
لتُطربوا ضحكًا وحبًا
وتبيت القلوبُ نقيّة
هذهِ هبةُ اللهِ لكم
فأجزلوا الاحتفالَ بالعطيّة
سرّحوا طفولةَ أرواحكم العذبة، أطلقوا هتافاتِكم وضحكاتكم الصخبة، جودوا بما حوتْه أنفسُكم من رَوْحٍ ومحبّة، بادروا من حولكم بإطراء أو هِبَة، وتأمّلوا إشراقة ملامحِهم بنورِ لُطفِكم.
٢٩ رمضان ١٤٣٨هـ