السبت، 24 يونيو 2017

فَرْحَة


تردّدت على مسمعي في الأعياد الماضية عبارةالعيد لا يشبه العيد”. يلجأ الناس لتشبيه الشيء المموّه بالشيء الصريح من باب المحاكاة، كي يستطيعَ العقلُ تخيّل ما لا يعرفه وفقًا لما يعرفه، أوْ من أجلِ المبالغة في الوصف وتجميل صياغة الموصوف.
ماذا عن العيد؟ ليس بالحدث الغريب الذي يترك على النفس أحاسيس جديدة تحتاج لأن تُشبّه بما هوَ أكثر صراحةً كي نفهمها، ولا هو بالشيء العاديّ الذي يستدعي لغةً منمّقةً لتُلبسَه حلّةً أحلى.
هوَ رمزُ الفرح، كلّ الأيام السعيدة باختلاف أسباب السعدِ فيها سنقول عنها: كأنّها عيد. فماذا حلّ بعيدنَا كيْ يتجرّد من ثوبِه القشيبِ ووقعِه الفريد؟
من الذي ألبسَه ثوبَ الحدثِ الرّتيب غيرِ الجديد؟
لعلّ دواعي الاحتفال قدْ كثرتْ فأغفلتْ فرحتَنا بالعيد،
أوْ لعلّنا غيّبنا طقوسًا كانت تجعلُه داعيًا للتّمجيد،
حتى غدا وقعه الأخّاذ باهتًا عرضةً للتّبديد.

شأنُ العيد الاحتفال،
شأنُ النّفسِ الاحتفاء،
وشأنُ الفرحِ أنْ يبلغَ عنانَ السّماء.

لا تتركوه
في متناولِ العاديّة

شيّعوا البيوتَ جمالًا،
حضّروا حلوى، كعكًا وهديّة

أترعوا الأجواء
بدواعي بهجةٍ ملموسةٍ ومعنويّة

استمتعوا
وانتشوا بحريّة

تفككوا
من قيود العامِ النمطيّة

ليُحدثِ الأطفالُ فوضى
وصخبًا ومشاكساتٍ نديّة

لتنطلقْ في الهواء أهازيجُ احتفاءٍ
وتصدحَ أغنيّة

هذا العيدُ برقيّة

خذوهَا بكلّ ما فيها
من مسرّاتٍ سخيّة

أفسحوا لها سبيلَ الوصولِ
لكلّ أبعادكم القصيّة

لتنضخوا فرحًا
ومشاعرَ بهيّة

لتُطربوا ضحكًا وحبًا
وتبيت القلوبُ نقيّة

هذهِ هبةُ اللهِ لكم
فأجزلوا الاحتفالَ بالعطيّة


سرّحوا طفولةَ أرواحكم العذبة، أطلقوا هتافاتِكم وضحكاتكم الصخبة، جودوا بما حوتْه أنفسُكم من رَوْحٍ ومحبّة، بادروا من حولكم بإطراء أو هِبَة، وتأمّلوا إشراقة ملامحِهم بنورِ لُطفِكم.

٢٩ رمضان ١٤٣٨هـ

الأحد، 11 يونيو 2017

مناجاة

يا الله، يا ربَّ كلّ شيء وفوقَ كلِ شيء والقادرُ على كلّ شيء .. اقدرْ لي خيرًا تعلمُه ولا أعلمُه، يملؤني ذهولًا وابتهاجًا وامتنانًا.

يا الله، إني أسير فأضِلّ، أتابعُ سيري فأُنهَك، أتابعُ أكثر فأتعثّر، وأنتَ نورُ السماواتِ والأرض، بيدِك أنْ تنيرَ دربي وقلبي، فهبني من نوركِ هدىً ومن علمِك إلهامًا ومنْ قوّتِك إقدامًا .. قوِّني يا الله لأتحمّل وعثاءَ الطريقِ إذا تعسّر، وقدرني على تغييرِه إذا سواهُ تيسّر، لا تتركني يا الله رهينةَ طريقٍ لا يُفضي إليكَ .. أنتَ الهادي، فاهدنِي إليكَ وإليّ وإلى سواءِ السبيل.

يا الله، إنّ فيّ من الشتاتِ ما أنتَ بهِ عليم، إنّ نفسي تُنازعُ نفسي، وإنّي أقاومُ تمتماتِ فكري، فيا ربي ورب كل شيء، أنت السلامُ ومنكَ السلام، اجعلْ في قلبي سلامًا، وفي فكري سلامًا، ومن حولي سلامًا، ارزقني سلامًا بعدَ كلّ اضطراب وقرارًا بعدَ كلّ حيرة ورضىً بعدَ كلّ قدر.

يا الله، زدنِي الشغف، بلّغني الهدف، وقوّني لأسامحَ نفسي على ما سلَف .. اللهم إنّي أعوذُ بكَ من حياةٍ بلا غاية، ومنْ نفسٍ بلا هواية، أعوذُ بكَ يا الله من فراغِ الروحِ ووحشةِ القلب، من فقرِ المخيّلة وضيقِ الأُفق وسطحيّة التفكير، أعوذ بك من أن أنشغلَ بترّهاتِ الأمورُ عن جليلِها، أعوذُ بكَ من شبابٍ ضائع وعمرٍ مُهدر وجسدٍ لم يمضِ في خير.

ربّي هبني من لدنْك علمًا وحُكمًا، أعنّي لأغالبَ نفسي فلا تميلَ عمّا يُرضيك، أغالبَ فِكري فلا يصبّ في غيرِ ما تُريد، وأغالبَ مزاجِي وانفعالاتي فلا تغلبني لأزلّ أو أخطئ .. قوّني بك .. أنرني بك .. أيقظني إن غفلت .. دلّني إن ضللت .. وألهمني بحكمتِك صوابَ القولِ والفعل.


يا الله، إنّك تعلمُ ما في نفسي وتعلمُ ما لا أعلم، لا يخفى عليك ما أرادتْه نفسي وخذلتني اللغة فلمْ أطلبه منك، وأنتَ القيّوم القادر على كلّ شيء، فأجبْ حاجاتِي التي دعوتُ بهَا والتي أكننتُها وأنتَ بها عليم .. ربي أبقِ حاجتي في يدِك ولا تضعها في يد أحد من عبادك.


١٦ رمضان ١٤٣٨هـ