السبت، 26 مايو 2018

حارب في معركتك وحدك



يحدثُ أن تسعى وتشقى، تحثَّ السيرَ حتى تبلى، تناضلَ صوبَ حلمِك أيامًا تُطوى .. حتّى تصل. 
لكنّكَ بعدَ وصولِك لا تهنى .. لأنّك رأيتَ ممن سواكَ من حظي بحلمٍ أحلى، أو بلغَ من رغباتِه مبلغًا أعلى، فتأسف على ما حققت، وتتمنى لو أنك كنتَ محلّه وحظيتَ حظَّه، الشيء الذي يدفعُك للسعي مجددًا نحوَ هدفٍ لا يشبه رغباتِك ولا صوتَك الداخلي، فتشرع في الركض والكدّ منشغلًا عن الاحتفالِ بإنجازِك الذي حققتَه للتو.
بعدَ أمدٍ ليس بقصير ستنتبهُ إلى أنك كنتَ منهمكًا في التنافس مع غيرِك، غارقًا في سباقِهم. المشكلة ليست في المنافسة إنّما في كونِ غيرِك كثر، ليسوا شخصًا مفردًا بحلمٍ واحد في مجالٍ واحد، حتى تتمكن من التفوقِ عليه. أنتَ محاطٌ بعالمٍ لا منتهي من البشر، لكلٍ منهم تجاربُه وميولُه ومهاراتُه، لكل منهم مجاله الذي سنجح ويبرز فيه، كما أنّ لكَ مجالُك.

تذكّرْ ..
لستَ مضطرًا لأن تكون مثاليًا في كل شيء، أنتَ لا تشغلُ دورًا واحدًا في هذا الكون، أنت تعني شيئًا مختلفًا لكل شخص تعرفه وكل منصب تشغله، ليسَ متوقعًا منك كبشر أن تبلي بلاءً باهرًا في كل أدوارك، وتتغلب على جميعِ أقرانِك، عليكَ فقط أن تؤدي أداءً يرضيك عن ذاتك. على ذاتك أن تكون هي معيارُك ومرجعك للنجاح لا الآخرين؛ فهم أمّة لا يمكنك دراستها، بينما ذاتُك واحدة، تعرفها جيدًا، وتحسن فهمها وترويضها.

متابعتُك لتقدم الجميع في مختلف المجالات وتوْقُك المتلهف لبلوغ مبلغهم يُنسيك نفسك، يدفعك للركض في ميادين شتّى ومحاولة الفوز فيها كلها، وهذا إعجازي!
حارب في معركتك وحدَك، اركضْ في ميدانِك فقط، لا تقفز بعينك إلى ميادين سواكَ فتتعثّر أو تتأخَّر، لا تنشغلْ عمّا بينَ يديْك بما بينَ أيديهم فيتسلّلَ الأول منكَ دونَ وعيك.
كن ممتنًا لما لديك ولما أنتَ عليه، تذكّر الأشياء الكثيرة التي تحسنها، والإنجازاتِ البسيطة التي حققتها، تذكر أنك متمكّنٌ ومتقن لشيءٍ تحبّه، أنك إضافة جميلة لمحيطك الصغير، أن وجودَك يعني شيئًا كثيرًا لأهلِك وأصدقائك.
اعمل على تطوير نفسِك دونَ أن تبليها وافرحْ لتوفيقِ غيرِك كفرحِك بتوفيقك، فـكلٌ ميسّر لما خُلِقَ له”.


السبت ١٠ رمضان ١٤٣٩هـ