الأربعاء، 9 أغسطس 2017

سأكبر وأندم

بعدَ عمرٍ من الآن، سيكونُ لديّ الكثيرُ لأندمَ عليه، أقساه: ندمٌ على شيءٍ لم أفعلْه.

سأندمُ على المراتِ التي جاءني فيها طفلٌ يريدُ اللعب،
فلمْ أستجبْ له
سأندمُ على الأيّام التي رأيتُ خلالها أمي جالسة بمفردِها،
فاتجهتُ صوبَ غرفتي
عوضًا عن أن أجاورَها وأحاكيها
سَأندم على المغامراتِ التي كانت مشرعةً أمامي
فلم أخضْها
والفرصِ التي انهالتْ عليّ كأوراقِ الخريفِ
دونَ أن ألتقفَها
سأحِنّ لكرسيّ الذي تركتُه خاليًا حولَ المائدة
لأني ممتلئةٌ طعامًا أو إنهاكًا أو غضبًا
سأندمُ على الكثير من هزيلِ الأمور
التي تحدثُ كل يوم،
فلا ألتفتُ لها بقلبي أو فكري أو أيٍّ من حواسّي
سأندمُ لأني ضيّقتُ نفوذَ الحياةِ إلي
لأني لم أكنْ البحرَ لنهرِها
ولا القاعِ لبئرها
سأندمُ لأنها كانت وفيرة وكنتُ فقيرةً للاحتفاء بها.

...

سأتحاملُ على الخوفِ
الذي انتصبَ سدًا غليظًا لا يراهُ سواي- 
بيني وبين ما أوشكتُ آتيهِ
كالخوفِ من ردودِ الفعل
الذي حبسَ القولَ في حنجرتي
فاختنقتُ بصوتي ودمعي
وإحساسي الذي كانَ قابَ قوسين أوْ أدنى من الركود
الخوف من من فواتِ الأوان الذي صيّرني طريدةَ الزمان،
أركضُ خلفَ مستقبلٍ لا أراه،
أحاولُ القبضَ على حلمٍ لن يطير،
وغدٍ لا ريبَ في قدومِه!
والخوف من التحدي
الذي أحالني شقرا
وكلُ الناسِ خيولٌ واحدةُ الصهيلِ.

...

سأتخفّف من حنقي على زماني ومجتمعي،
لأغدو مثقلةً بحنقي عليّ
على جأشي الذي حلّ رباطَه عندَ أولِ خيبةٍ،
فلمْ يقاوم .. ولم يحاول
على عقلي الذي سمعَ فصدقَ وسلّم،
لم يمنحني حقي من التجريبِ والتمكين
سأمتلئ حنقًا على حواسّي
التي عجزت أن تواري حزني في حضرةِ أمّي،
فأوجعَها وجعي أكثرَ ممّا أوجعني.



الأربعاء ١٧ ذو القعدة ١٤٣٨هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق