الخميس، 30 نوفمبر 2017

هذا العالم لا يشبهك

أخبريني أمي ..
كيف وسعني رحمُك الصغير
وهذا العالم بوسعِه ضائقٌ بي؟
كيف احتملتِ بكائي الصاخبَ
دونَ أن تفهمي مغزاهُ أو تتوقعي أوانَه،
بينما الأسماعُ هنا
أبعدُ من أن يصلَها صوتي المجروح،
وأقسى من أن يخترقها أنينيَ المبحوح؟
ماذا قد يشدّها إليّ
ولستُ أنا التي تبكي أو تنوح؟
..
هذا العالم بسرعته في المضيّ دوني،
وحركتِه الصاخبة أمامَ سكوني
 لا يشبهُك .. 
لا يشبه حِضنك المتعالي عن كلِّ بؤس،
أو حبَّك الطاغي دونَ لَبس،
لا يشبهُ صوتَك الحاني ولذيذ الهَمْس،
لا يشبُه شيئًا ممّا اعتدتّهُ في الأمس
..
أراهُ يركضُ في تغيُّرِه وأنا بعدُ لم أكبر،
أراه يُبالغُ في تقلّبه وأنا على مسايرتِه لا أقدر،
لا حاجةَ لي بخوضِ السباق
ولا طاقةِ لي بأن أصبِر
..
ثمَّ أنّ هذا العالمَ مُفزِع،
يتغيّرُ كلَّ يومٍ أسرَع؛
كنجمٍ هاربٍ لا يُمنَع،
أو كخارقٍ دائمِ الفوتِ لا يهجَع،
يُبجّلني إذا أحسنتُ ويرفَع،
ثمّ إنْ ضعفتُ يهجرني
كقطعةٍ باليةٍ ما عادت تنفَع،
عاجزةٌ أنا عن الصراخِ
ورافضٌ هذا العالمُ أن يسمَع
..
كنتِ قد عودتني
أن يكونَ قربُكِ بُرءًا حينَ أتوجَّع،
طمأنتني
أنّ هناك من سيسندني حينَ أتعثّر،
وعلّمتني أن طاقةَ قلوبِنا
تجبرُ كلَّ الذي يتكسّر
..
 لكنّني كبرت
ولم يطمئني العالمُ كما فعلتِ،
أو يكن على الأقلِّ كما قلتِ،
غدا غريبًا عليّ،
تزيدُ غُربتُه بمرور الوقتِ،
لا يأبهُ لصوتي أو يسمعُ قصّتي،
لا يقبلُ أسفي أو يتجاوزُ عثرتي،
قاسٍ لا يشبهُ طراوتَكِ،
يطيبُ لهُ أن يحذِّ السير وأنا متعرقلةٌ في الخلفِ وحدي
كأنّما لم أنتمي يومًا له، أو أسعى لنفعه بوجدي وعضدي




الخميس ١٢ ربيع الأول ١٤٣٩هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق