الأحد، 1 يناير 2017

حدَثَ الكثير


مرّ هذا العامُ مختلفًا، أنيقًا باختلافه، حملتْ أيّامُه الكثير من الأمنياتِ التي تمنيّتُها طويلًا ولم أخططْ لها. مريحٌ أنْ تتوقَ لشيء فيأتيك بصورة أبهى مما تخيلت.

حانَ مطلعُ ٢٠١٦ وأنا في منزلِ آمِنة، دونَ أنْ نلحظَ الموقفَ أو التاريخ قضينا يومًا وليلةً معًا. لطالما استهوتني فكرة المبيت ببيت صديقة، أن تكونَ أرواحنا قريبةً بما يكفي ليغدو بيتي بيتها، وبيتها بيتي .. أن تسمحَ لنا جِبلّتُنا الطفولية بالجلوس معًا بالبيجامة، شعرٍ مسدلٍ بعفويّة ووجهِ مجرّدٍ من المساحيق. غابتْ عنّي الفكرة، لكنها حدثت، ولعلّ ميلاد السنة بالقربِ من طهرِ آمنة كان لهُ دورٌ في أنْ تمرّ جميلة عذبة.

إبّانَ الربيع سافرتُ وأخي عامر إلى دبي، كانت المرة الأولى التي نسافر فيها بمفردنا، وأظنّ أجمل ما علمتني إياه السنة هو أنني أحب عامر أكثر من أي شيء آخر وأكثر من أيّ وقتٍ مضى! بدا الأمرُ كأنّ لي أخًا لم ألجْ أعماقَه ولمْ تحدّثه دواخلي، فأذابتْ الرحلةُ بيننَا كلّ الحواجزِ ومرقتْ خلالَ كلّ الحدود.
جربتُ معه رياضة (the fly board) وكم كانت أخّاذة! بقدر المرات التي وقعنا فيها ضحكنا، وبقدرِ محاذاة السماء وارتطاماتِ الماء استمتعنا، ليسَ أبهر من أن يتلاطمَك أزرق البحرِ والسماء في آنٍ معًا.

أمّا عن صيف هذا العام، فقد شغلتْهُ أطولُ عطلة دراسية، وعلى امتدادِها امتدّ البهاء..
خرجنا مُذ بدايتِها في رحلة (كروز) تبدأ من دبي الشقيقة وتنتهي في سنغافورة الأنيقة، مرورًا بعُمان، الهند وماليزيا. فيْ الواقع، حوت هذهِ الرحلة في كل تفاصيلها ومجرياتِها ألوانًا وصورًا شتّى من الفرح.
كشخصٍ مهووسٍ بخوضِ التجارب الجديدة ماذا عسايَ أقول عن حُقبة زمنيّة مرّت مختلفة بكلّ ما فيها؟ كلّ ما كشفتْه الثنايا كفيلٌ بأسرِ الحنايا! البلدان التي زرت، الأطعمة التي تذوقت، المغامراتُ التي خضت، الوجوهُ التي التقيت، القلوب التي ألفت، الكلمات القليلة من اللغات التي تعلمت، وسائل المواصلات التي ركبت، أوجهُ العالمِ التي ارتدت وعذب الأحاسيس الذي شعرت .. كل ذلك كان لأوّل مرة! ما لا يسمحُ للحديثِ أنْ يُضغطَ ويُحقن في جزء من تدوينة.

وقدْ وسعَ الصيفُ جمالًا أكثرَ من ذلِك، إذ انضممتُ إلى دورة بحث صيفية أنجرت خلالها جزءًا من بحثٍ علميّ عن موضوعٍ لمْ يُغْرِني في بدايته، لكنّه أعجبني جدًا فيما بعد. ثم انتهت العطلة بأن خطوت خطوة إلى اللهِ في رحلة حجّ، عساهَا تُقبل وتعيد تربيةَ قلبي كما يحبّ ربي أنْ يكون.

تزامنًا مع العودة للدراسة تمت في جامعتي فعالية تعريفية بحياة طالب الطب وكيفية خوض سنين الكلية بعقلٍ وقلبٍ حاضرين، كيف يمكن أن يقضي المرء عمره إبّان الدراسة جامعًا بينَ أوجه الجمالِ الشتّى. قدمت خلالها فقرة بعنوان "لماذا نقرأ؟" للملتحقين حديثًا بالكلية. صحيحٌ أنها ليست تجربتي الأولى في التقديم، لكنها المرة الأولى التي أقفُ فيها متحدثة على مسرح الجامعة -ذات الموقف الذي وقفه عديدٌ من الملهمين والمؤثرين-. وبرغم أن قلمي أبلغُ من صوتِي إلا أنني راضية سعيدة بما وُفّقت لقولِه.

أخيرًا، أصبحتُ جزءًا من النادي الطلابي لكلية العلوم الطبية التطبيقية في أم القرى، الذي من خلاله شاركت في فعالية اليوم العالمي للإعاقة. يثريني أن ألتقي أناسًا جدد وأعملَ معهم، وكلما زادَ اختلافهم عنّي أحببت ذلك أكثر، ما يجعل انضمامي لفريقٍ من جامعة وتخصص مختلفين حدثًا جذابًا.


ربّي لكَ الحمدُ على مضيّ هذا العامِ بسعادة أكثر ممّا طلبت .. الحمدُ للهِ على الأحداثِ، المُدن، التجارب، المشاعرِ والأرواحِ الجديدة التي أنبتتْ في داخلي خولة وليدة.



الأحد ١ يناير ٢٠١٧

في غرفتي التي أنهيت تفاصيلها الحديثة للتوّ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق